فصل: (سورة النساء: الآيات 64- 65):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والوجه فتح اللام فَكَيْفَ يكون حالهم، وكيف يصنعون؟ يعنى أنهم يعجزون عند ذلك فلا يصدرون أمرًا ولا يوردونه إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ من التحاكم إلى غيرك واتهامهم لك في الحكم ثُمَّ جاؤُكَ حين يصابون فيعتذرون إليك يَحْلِفُونَ ما أردنا بتحاكمنا إلى غيرك إِلَّا إِحْسانًا لا إساءة وَتَوْفِيقًا بين الخصمين، ولم نرد مخالفة لك ولا تسخطًا لحكمك، ففرج عنا بدعائك وهذا وعيد لهم على فعلهم، وأنهم سيندمون عليه حين لا ينفعهم الندم. ولا يغنى عنهم الاعتذار عند حلول بأس اللَّه. وقيل: جاء أولياء المنافق يطلبون بدمه وقد أهدره اللَّه فقالوا: ما أردنا بالتحاكم إلى عمر إلا أن يحسن إلى صاحبنا بحكومة العدل والتوفيق بينه وبين خصمه، وما خطر ببالنا أنه يحكم له بما حكم به فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ لا تعاقبهم لمصلحة في استبقائهم، ولا تزد على كفهم بالموعظة والنصيحة عما هم عليه {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} بالغ في وعظهم بالتخفيف والإنذار. فإن قلت: بم تعلق قوله: {فِي أَنْفُسِهِمْ}؟ قلت: بقوله: {بَلِيغًا} أى: قل لهم قولا بليغًا في أنفسهم مؤثرا في قلوبهم يغتمون به اغتماما، ويستشعرون منه الخوف استشعارًا، وهو التوعد بالقتل والاستئصال إن نجم منهم النفاق وأطلع قرنه، وأخبرهم أن ما في نفوسهم من الدغل والنفاق معلوم عند اللَّه، وأنه لا فرق بينكم وبين المشركين، وما هذه المكافة إلا لإظهاركم الإيمان وإسراركم الكفر وإضماره، فإن فعلتم ما تكشفون به غطاءكم لم يبق إلا السيف. أو يتعلق بقوله: {قُلْ لَهُمْ} أي قل لهم في معنى أنفسهم الخبيثة وقلوبهم المطوية على النفاق قولا بليغا، وأنّ اللَّه يعلم ما في قلوبكم لا يخفى عليه فلا يغنى عنكم إبطانه. فأصلحوا أنفسكم وطهروا قلوبكم وداووها من مرض النفاق، وإلا أنزل اللَّه بكم ما أنزل بالمجاهرين بالشرك من انتقامه، وشرًا من ذلك وأغلظ. أو قل لهم في أنفسهم- خاليا بهم، ليس معهم غيرهم، مسارّا لهم بالنصيحة، لأنها في السر أنجع، وفي الإمحاض أدخل- قولا بليغا يبلغ منهم ويؤثر فيهم.

.[سورة النساء: الآيات 64- 65]:

{وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64) فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)}
وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ وما أرسلنا رسولا قط إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ بسبب إذن اللَّه في طاعته، وبأنه أمر المبعوث إليهم بأن يطيعوه ويتبعوه، لأنه مؤدّ عن اللَّه، فطاعته طاعة اللَّه ومعصيته معصية اللَّه مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ ويجوز أن يراد بتيسير اللَّه وتوفيقه في طاعته وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بالتحاكم إلى الطاغوت جاؤُكَ تائبين من النفاق متنصلين عما ارتكبوا فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ من ذلك بالإخلاص، وبالغوا في الاعتذار إليك من إيذائك بردّ قضائك، حتى انتصبت شفيعا لهم إلى اللَّه ومستغفرًا لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا لعلموه توابا، أي لتاب عليهم. ولم يقل: واستغفرت لهم، وعدل عنه إلى طريقة الالتفات، تفخيما لشأن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وتعظيما لاستغفاره، وتنبيها على أن شفاعة من اسمه الرسول من اللَّه بمكان فَلا وَرَبِّكَ معناه فو ربك، كقوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ} و«لا» مزيدة.
وأما دخولها في القسم وجوابه نفى فكثير مثل:
فلا وأبيك ابنة العامري ** لا يدعى القوم أنى أفر

وكقوله:
ألا نادت أمامة باحتمال ** لتحزننى فلا بك ما أبالى

وقوله:
رأى برقا فأوضع فوق بكر ** فلا بك ما أسال ولا أقاما

وقوله:
فخالف فلا واللَّه تهبط تلعة ** من الأرض إلا أنت للذل عارف

وهو أكثر من أن يحصى فتأمل هذا الفصل فانه حقيق بالتأمل.
لتأكيد معنى القسم، كما زيدت في: {لِئَلَّا يَعْلَمَ} لتأكيد وجود العلم. ولا يُؤْمِنُونَ جواب القسم فإن قلت: هلا زعمت أنها زيدت لتظاهر {فَلا} في: (لا يُؤْمِنُونَ)؟ قلت: يأبى ذلك استواء النفي والإثبات فيه، وذلك قوله: {فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ فيما اختلف بينهم واختلط، ومنه الشجر لتداخل أغصانه حَرَجًا ضيقًا، أي لا تضيق صدورهم من حكمك، وقيل: شكا، لأنّ الشاك في ضيق من أمره حتى يلوح له اليقين وَيُسَلِّمُوا وينقادوا ويذعنوا لما تأتى به من قضائك، لا يعارضوه بشيء، من قولك: سلم الأمر للَّه وأسلم له، وحقيقة سلم نفسه وأسلمها، إذا جعلها سالمة له خالصة، وتَسْلِيمًا تأكيد للفعل بمنزلة تكريره. كأنه قيل: وينقادوا لحكمه انقيادًا لا شبهة فيه، بظاهرهم وباطنهم. قيل: نزلت في شأن المنافق واليهودي. وقيل: في شأن الزبير وحاطب بن أبى بلتعة وذلك أنهما اختصما إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في شراج من الحرّة، كانا يسقيان بها النخل، فقال «اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك» فغضب حاطب وقال: لأن كان ابن عمتك؟ فتغير وجه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ثم قال: «اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر واستوف حقك، ثم أرسله إلى جارك» كان قد أشار على الزبير برأى فيه السعة له ولخصمه فلما أحفظ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، استوعب للزبير حقه في صريح الحكم، ثم خرجا فمرا على المقداد، فقال: لمن كان القضاء؟ فقال الأنصارى: قضى لابن عمته، ولوى شدقه. ففطن يهودى كان مع المقداد فقال: قاتل اللَّه هؤلاء، يشهدون أنه رسول اللَّه ثم يتهمونه في قضاء يقضى بينهم، وايم اللَّه، لقد أذنبنا ذنبا مرّة في حياة موسى، فدعانا إلى التوبة منه وقال: اقتلوا أنفسكم، ففعلنا، فبلغ قتلانا سبعين ألفا في طاعة ربنا حتى رضى عنا. فقال ثابت بن قيس بن شماس: أما واللَّه إنّ اللَّه ليعلم منى الصدق، لو أمرنى محمد أن أقتل نفسي لقتلتها. وروى أنه قال ذلك ثابت وابن مسعود وعمار بن ياسر، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «والذي نفسي بيده إنّ من أمتى رجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي». وروى عن عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه أنه قال: واللَّه لو أمرنا ربنا لفعلنا، والحمد للَّه الذي لم يفعل بنا ذلك، فنزلت الآية في شأن حاطب، ونزلت في شأن هؤلاء.

.[سورة النساء: الآيات 66- 68]:

{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطًا مُسْتَقِيمًا (68)}
وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أي لو أوجبنا عليهم مثل ما أوجبنا على بنى إسرائيل من قتلهم أنفسهم، أو خروجهم من ديارهم حين استتيبوا من عبادة العجل ما فَعَلُوهُ إِلَّا ناس قَلِيلٌ مِنْهُمْ وهذا توبيخ عظيم. والرفع على البدل من الواو في: {فَعَلُوهُ}. وقرئ: إلا قليلا، بالنصب على أصل الاستثناء، أو على إلا فعلا قليلا ما يُوعَظُونَ بِهِ من اتباع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وطاعته، والانقياد لما يراه ويحكم به، لأنه الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ في عاجلهم وآجلهم وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا لإيمانهم وأبعد من الاضطراب فيه وَإِذًا جواب لسؤال مقدر، كأنه قيل وما ذا يكون لهم أيضًا بعد التثبيت، فقيل:
وإذًا لو ثبتوا لَآتَيْناهُمْ لأن إذًا جواب وجزاء مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا كقوله: {وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} في أنّ لمراد العطاء المتفضل به من عنده وتسميته أجرًا، لأنه تابع للأجر لا يثبت إلا بثباته {وَلَهَدَيْناهُمْ} وللطفنا بهم ووفقناهم لازدياد الخيرات.

.[سورة النساء: الآيات 69- 70]:

{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقًا (69) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70)}
الصديقون: أفاضل صحابة الأنبياء الذين تقدموا في تصديقهم كأبى بكر الصديق رضى اللَّه عنه وصدقوا في أقولهم وأفعالهم. وهذا ترغيب للمؤمنين في الطاعة، حيث وعدوا مرافقة أقرب عباد اللَّه إلى اللَّه وأرفعهم درجات عنده وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقًا فيه معنى التعجب كأنه قيل:
وما أحسن أولئك رفيقا ولاستقلاله بمعنى التعجب. قرئ: وحسن، بسكون السين. يقول المتعجب:
حسن الوجه وجهك! وحسن الوجه وجهك! بالفتح والضم مع التسكين. والرفيق: كالصديق والخليط في استواء الواحد والجمع فيه، ويجوز أن يكون مفردًا، بين به الجنس في باب التمييز.
وروى أنّ ثوبان مولى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان شديد الحب لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قليل الصبر عنه، فأتاه يوما وقد تغير وجهه ونحل جسمه وعرف الحزن في وجهه فسأله رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن حاله، فقال: يا رسول اللَّه، ما بى من وجع غير أنى إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك، فذكرت الآخرة، فخفت أن لا أراك هناك، لأنى عرفت أنك ترفع مع النبيين وإن أدخلت الجنة كنت في منزل دون منزلك، وإن لم أدخل فذاك حين لا أراك أبدا، فنزلت، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى أكون أحبّ إليه من نفسه وأبويه وأهله وولده والناس أجمعين» وحكى ذلك عن جماعة من الصحابة ذلِكَ مبتدأ والْفَضْلُ صفته ومِنَ اللَّهِ الخبر، ويجوز أن يكون ذلك مبتدأ، والفضل من اللَّه خبره، والمعنى: أنّ ما أعطى المطيعون من الأجر العظيم ومرافقة المنعم عليهم من اللَّه لأنه تفضل به عليهم تبعًا لثوابهم وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيمًا بجزاء من أطاعه أو أراد أنّ فضل المنعم عليهم ومزيتهم من اللَّه، لأنهم اكتسبوه بتمكينه وتوفيقه وكفى باللَّه عليما بعباده فهو يوفقهم على حسب أحوالهم.

.[سورة النساء: آية 71]:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71)}
خُذُوا حِذْرَكُمْ الحذر والحذر بمعنى، كالإثر والأثر، يقال: أخذ حذره، إذا تيقظ واحترز من المخوف، كأنه جعل الحذر آلته التي يقي بها نفسه ويعصم بها روحه. والمعنى: احذروا واحترزوا من العدوّ ولا تمكنوه من أنفسكم فَانْفِرُوا إذا نفرتم إلى العدوّ. إما ثُباتٍ جماعات متفرّقة سرية بعد سرية، وإما جَمِيعًا أي مجتمعين كوكبة واحدة، ولا تتخاذلوا فتلقوا بأنفسكم إلى التهلكة. وقرئ: فانفروا بضم الفاء.

.[سورة النساء: الآيات 72- 73]:

{وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)}
اللام في: {لَمَنْ} للابتداء بمنزلتها في قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ} وفي لَيُبَطِّئَنَّ جواب قسم محذوف تقديره: وإنّ منكم لمن أقسم باللَّه ليبطئن، والقسم وجوابه صلة من، والضمير الراجع منها إليه ما استكن في: {لَيُبَطِّئَنَّ} والخطاب لعسكر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم والمبطئون منهم المنافقون لأنهم كانوا يغزون معهم نفاقا. ومعنى {لَيُبَطِّئَنَّ} ليتثاقلن وليتخلفن عن الجهاد وبطأ. بمعنى: أبطأ كعتم بمعنى: أعتم، إذا أبطأ، وقرئ {لَيُبَطِّئَنَّ} بالتخفيف يقال: بطأ على فلان وأبطأ علىّ وبطؤ نحو: ثقل، ويقال: ما بطأ بك، فيعدى بالباء، ويجوز أن يكون منقولا من بطؤ، نحو؟ ثقل من ثقل، فيراد ليبطئن غيره وليثبطنه عن الغزو، وكان هذا ديدن المنافق عبد اللَّه ابن أبىّ، وهو الذي ثبط الناس يوم أحد فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ من قتل أو هزيمة فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ من فتح أو غنيمة لَيَقُولَنَّ وقرأ الحسن {ليقولن} بضم اللام إعادة للضمير إلى معنى {من} لأن قوله: {لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} في معنى الجماعة وقوله كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ اعتراض بين الفعل الذي هو {لَيَقُولَنَّ} وبين مفعوله وهو يا لَيْتَنِي والمعنى كأن لم تتقدم له معكم موادّة، لأن المنافقين كانوا يوادّون المؤمنين ويصادقونهم في الظاهر، وإن كانوا يبغون لهم الغوائل في الباطن. والظاهر أنه تهكم. لأنهم كانوا أعدى عدوّ للمؤمنين وأشدهم حسدًا لهم، فكيف يوصفون بالمودّة إلا على وجه العكس تهكما بحالهم. وقرئ: فأفوز بالرفع عطفًا على كنت معهم لينتظم الكون معهم، والفوز معنى التمني، فيكونا متمنيين جميعًا، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، بمعنى فأنا أفوز في ذلك الوقت. اهـ.